الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالصدق من مكارم الأخلاق, يكفيه فضيلة _كما قال الإمام الغزالي رحمه الله_ أن الله تعالى وصف به الأنبياء في معرض المدح والثناء, فقال الله: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا﴾ [مريم:41] وقال تعالى: ﴿واذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا﴾ [مريم:54] وقال: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا﴾ [مريم:56]
والصدق طريق إلى الجنة, والكذب طريق إلى النار, قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (( إن الصدق يهدي إلى البر, وإن البر يهدي إلى الجنة, وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً, وإن الكذب يهدي إلى الفجور, وإن الفجور يهدي إلى النار, وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً.)) [متفق عليه]
للسلف أقوال قي الصدق والكذب, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
** قال ابن عباس رضي الله عنهما: أربع من كن فيه فقد ربح: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر.
** قال يوسف بن أسباط: للصادق ثلاث خصال: الحلاوة، والملاحة، والمهابة.
** قال مالك بن أنس: قلّما كان رجل صادقاً لا يكذب, إلا مُتع بعقله, ولم يصبه ما يصيب غيره من الهرم, والخرف
** قال أبو زرعة: قلت لأحمد بن حنبل: كيف تخلصت من سيف المعتصم وسوط الواثق ؟ فقال: لو وُضِع الصدقُ على جرح لبرئ.
** قال الفضيل بن عياض: ما تزين الناس بشيء أفضل من الصدق, والله عز وجل يسأل الصادقين عن صدقهم, منهم عيسي بن مريم عليه السلام, كيف بالكذابين المساكين, ثم بكى.
وقال: من عامل الله عز وجل بالصدق أورثه الله عز وجل الحكمة
** قال سلمة بن دينار: أعدل العدل: كلمة صدق عند من ترجوه وتخافه.
** قال الخليفة المنصور لهشام بن عروة: يا أبا المنذر, تذكر يوم دخلتُ عليك أنا وأخوتي مع أبي, وأنت تشرب سويقاً بقصبة يراع, فلما خرجنا قال: أبونا: اعرفوا لهذا الشيخ حقه, فإنه لا يزال في قومكم بقية ما بقى, قال: لا أذكر ذلك يا أمير المؤمنين, فلاموه في ذلك, فقال: لم يعودني الله في الصدق إلا خيراً.
** قال ابن المبارك: إن الفضيل صدق الله, فأجرى الحكمة على لسانه, وهو ممن نفعه الله بعلمه.
* روح بن الفرج القطان, قال ابن قديد: رفعه الله بالعلم والصدق.
* قال القاسم بن القاسم المهدي المروزي: من حفظ قلبه مع الله بالصدق أجرى الله على لسانه الحكم.
** عن مالك أنه بلغه أن لقمان الحكيم, قيل له: ما بلغ بك ما نرى ؟ قال: صدق الحديث, وأداء الأمانة, وترك ما لا يعنيني.
** قال الإمام ابن حزم: أعدل الشهود على المطبوع على الصدق: وجهه, لظهور الاسترابة عليه إن وقع في كذبةٍ أو همَّ بها.
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: من حفظ لسانه عن الإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه فهو صادق.
ــــــــــــــــــ
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: الصدق في الأعمال, وهو أن يجتهد حتى لا تدل أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتصف هو به...ورب واقف على هيئة الخشوع في صلاته, ليس يقصد به مشاهدة غيره, ولكنه قلبه غافل عن الصلاة, فمن ينظر إليه يراه قائماً بين يدي الله عز وجل, وهو بالباطن قائم في السوق بين يدى شهوة من شهواته.
** قال الإمام النووي رحمه الله: الصدق......وإن كان فيه مشقة, فإن عاقبته خير, والصدق يهدي إلى البر, والبر يهدي إلى الجنة.