7. وجوب الإنصات للخطبة والحرص على فهمها والاستفادة منها: { إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب، فقد لغوت }
من الآداب الهامة ساعة الخطبة الإستماع للخطيب والإصغاء إليه وعدم صدور أي صوتٍ مهما كان سببه، فقد كانت هذه وصية أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه وكان يقول في خطبته قلما يدع ذلك إذا خطب: "إذا قام الإمام أن يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للسامع".
ويحذر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من الكلام ساعة الخطبة فيما رواه أبو هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قلت لصاحبك:أنصت، يوم الجمعة، والإمام يخطب، فقد لغوت))
صحيح مسلم 851 بسندٍ صحيحٍ.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا والذي يقول له أنصت ليس له جمعة))
حسنه الشيخ أحمد شاكر في مسند الإمام أحمد 3/326.
وعلى ذلك فمن رام إسكات أخيه ساعة الخطبة فليشر إليه برفقٍ ووقارٍ دون الإخلال بهيبة المقام، ففي الحديث الوارد عن أبي بن كعبٍ رضى الله عنه ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم يذكر بأيام الله وأبو ذر يغمز أبي بن كعب فقال متى أنزلت هذه السورة إني لم أسمعها إلى الآن فأشار إليه أن اسكت فلما انصرفوا قال سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني فقال أبي ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت فذهب أبو ذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بالذي قال أبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبي))
المنذري في الترغيب والترهيب 1/347 وإسناده حسن.
ومن هذا يُستفاد أن أُبيّاً رضى الله عنه أرجأ جوابه على أخيه أبي ذرٍ رضى الله عنه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخطبة، وهذه نقطةٌ تحتاج إلى تأمل ومزيد تعلم أدب الإصغاء ساعة الخطبة، إن عدداً غير قليلٍ من أهل الجمعة في أمس الحاجة إلى إعادة النظر في كلامهم حينما يخطب الإمام يوم الجمعة.
وقد ذكر المنذري رحمه الله تعالى هذه الواقعة أيضاً أو مثلها بين أبي بن كعب وابن مسعودٍ رضي الله تعالى عنهما، فعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: ((دخل عبد الله بن مسعود المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس إلى جنب أبي بن كعب فسأله عن شيء أو كلمه بشيئ فلم يرد عليه أبي وظن ابن مسعود أنها موجدة (غضبة) فلما انفتل النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال ابن مسعود يا أبي ما منعك أن تردعلي قال إنك لم تحضر معنا الجمعة قال لما؟ قال تكلمت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقام ابن مسعود فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: صدق أبي، صدق أبي، أطعْ أُبيا))
صححه الألباني في صحيح الترغيب 719 وقال :حسنٌ صحيحٌ.
فعلى المسلم لزوم السكوت والإصغاء ومحاولة جادةٍ لفهم كلام الخطيب. هذه بعض الآداب الهامة التي ينبغي أن يحرص عليها كل ذاهبٍ إلى المسجد ساعة الجمعة بغرض تحصيل الأجر والمثوبة وحطّ الأوزار والإستفادة من الزاد العلميّ الروحيّ المفعم بالإيمان في أطهر ساحات الدنيا في بيوت الله رب العالمين.
أما خطبة الجمعة .. فناهيك بها فهي عظة الواعظ،
وتطهير للنفوس، وترقيقٌ للقلوب، وشفاء للصدور،
وتذكيرٌ بالله، وترغيبٌ في ثوابه، وترهيبٌ من عقابه،
إيقاظٌ للقلوب، وما أنفع الكلم الطيب حين تحيا به القلوب!
خطبٌ ومواعظ، فيها الثناء على الله، وتمجيده والشهادة له
بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة والبلاغ، وتذكيرٌ للعباد في أيام الله،
ووصيتهم بتقوى الله سبحانه، وما يقربهم إليه وإلى جناته،
ويباعدهم عن سخطه ونيرانه.خطبٌ مشتملة على أصول الإسلام،
وقواعد الديانة، وما تقتضيه الأحوال، وحثٌ على الفضائل،
واجتناب الرذائل، مما يصلح الفرد والمجتمع في العاجل والآجل.
إنها تجديدٌ للعزائم، وتواصٍ بالمكارم، دعوات حق، وكلمات
صدق، أمرٌ بمعروف، ونهيٌ عن منكر.الله أكبر! حين تخرج هذه
المواعظ من قلوبٍ صادقة لتصب في آذان صاغية، وأفئدة منشرحة
تحب الناصحين، وتستجيب للواعظين، تسمع حين تسمع بقلوبٍ
واجفة، وأجسادٍ خائفة، تتلقى أوامر ربها بعزمٍ شديد، وحزمٍ جليد،
تطهر القلوب، وتمحو الذنوب، تيقظ القلوب الغافلة، وتنشط الهمم
الوانية، ويراجع المرء نفسه لينظر ما قدمت يداه.
هذه هي خطب الجمعة، في مضامينها وعظاتها،
وهذا هو المصلي الناصح لنفسه، منصتٌ لخطبة إمامه،
مصغٍ لوعظ خطيبه، قد نفعه ربه بالإرشاد والعظات،
وتوجيهات الدين والدنيا.
س: هل من حضر لأداء فريضة صلاة الجمعة وحدث أن فاتته
الخطبة فهل يتم صلاته ظهراً أو كيف يعمل؟
جـ: من لم يدرك من خطبتي الجمعة قدر آية، وإنما أدرك الصلاة
فعليه أن يضم إليها ركعتين، وتكون ظهراً لا جمعة هذا عند علماء
المذهب الهادوي الزيدي
أما عند علماء المذاهب الفقهية الأخرى فليس عليه شيء
وتحسب له جمعة
أي أن العلماء مختلفون في حكم صلاة اللاحق يوم الجمعة الذي
أدرك الصلاة، ولكنه لم يدرك الخطبتين أو لم يدرك الخطبة الأخيرة
أو أدرك قدر آية من الخطبة الأخيرة صحت صلاته جمعة،
وقال الجمهور من العلماء: إن من أدرك الصلاة من يوم الجمعة
فقد أدرك الجمعة، وليس عليه أن يضم إليها شيئاً،
وتحسب له جمعة وإن لم يدرك شيئاً من الخطبة
بل تحسب له جمعة إذا أدرك الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة
مهما أدرك الأخيرة، ولم يسلم مع الجماعة بل قام، وأدى الركعة
الثانية فرادى كما يعمله كل لاحق يفوته أول الصلاة في أيِّ صلاة
كانت،
والخلاصة هي أن الجمهور من العلماء يقولون إن من أدرك ركعتي
الجمعة فقد أدرك الجمعة، ولو لم يستمع إلى شيء من الخطبتين،
وإن من أدرك ركعة واحدة منها فليضم إليها أخرى وقد تمت صلاة
الجمعة، وإن لم يستمع من الخطبتين آية،
والذي أراه هو المذهب الثاني الذي قال به الجمهور؛ لأنه الأصل،
ولم يدل على وجوب ضم ركعتين إلى ركعتي الجمعة أيُّ دليل،
وهكذا لم يدل على أن صلاة الجمعة تصير ظهراً لعدم سماع
الخطبتين أو بعض الخطبة الأخيرة، والأصل هو البقاء على أن
صلاة اللاحق تكون مثل غيرها جمعة لا ظهراً، ومن ادعى خلاف
هذا فعليه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة، وقد ورد
الحديث الصحيح:
«أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها»
صحيح البخاري: كتاب مواقيت الصلاة: باب من أدرك من الصلاة ركعة. حديث رقم (546)
وقد روى الطبراني عن ابن مسعود أنه قال:
«من أدرك ركعة من صلاة الجمعة فليضم إليها أخرى،
وقد تمت صلاته»
سن النسائي: كتاب المواقيت: باب من أدرك ركعة من الصلاة. حديث رقم (554)
س: كنت في جامع لأداء صلاة الجمعة والإمام في الخطبة الثانية
وجاء رجل وجلس على ميسرتي وقال لي السلام عليكم ومد لي يده
ورديت عليه السلام قائلاً ومصافحاً وفجأة تذكرت أن هنالك حديث
ما معناه من تكلم فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له وأيضاً تذكرت
التحذير الذي يشنف المؤذن أذاننا دائماً به عقب الأذان اعلموا أن
الكلام محرم حال الخطبتين أثابكم الله فكنت تارة أفكر وأخرى أقدر
وأخيراً حكمت على صلاتي بالبطلان وأعدتها فما رأيكم ؟
وهل تصح صلاة الجمعة والجماعة على صوت الراديو أو التلفزيون؟
جـ: اعلم بأن حديث النهي عن الكلام حال الخطبتين حرام وهو
حديث صحيح، وقد جاء في بعض الأحاديث:
«ومن لغى فلا جمعة له»،
وقيل في معنى «لا جمعة له»: ليس له ثواب الجمعة،
أما أن صلاة الجمعة باطلة فليست باطلة،
وقيل معنى: فلا جمعة له صحيحة،
وأنت قد عملت بالأحوط زادك الله حرصاً ولا تعد إلى مثل هذا،
وأعلم بأن صلاة الجماعة والجمعة لا بد فيها من الاجتماع،
ولا تصح الجماعة أو الجمعة بواسطة الراديو أو التلفزيون
لعدم الاجتماع الذي هو السبب في مشروعية الجمعة، والجماعة،
وهذا هو ما أفتى به علماء العصر لمن كان يسألهم بهذا السؤال.
السؤال:
من تكلم أثناء الخطبة يوم الجمعة لغير حاجة
فهل تبطل صلاته للجمعة، أم المراد نقـص الثواب؟
الجواب:
أما صلاته الجمعة فتجزئه ولا تبطل،
وأما نقصان ثوابه فنعم؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة: أنصت،
فقد لغوت» [متفق عليه].
وقد نص بعض العلماء على أنه يُحرَم فضيلة الجمعة.
والله تعالى أعلم.
المجيب: القاضي/ محمد بن إسماعيل العمراني
س: هل من لغى في خطبة الجمعة يعيدها ظهراً؟
جـ: لا يعيدها ظهراً،
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «لا جمعة له»
أنه ليس له ثواب صلاة الجمعة.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
''إذا قُلْتَ لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة
أنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ''.
على الرغم من هذا الحديث الصحيح،
إلاّ أنّ العديد من النّاس تجهله
وتجهل حكم التّكلّم والإمام يخطب خطبة الجمعة،
لهذا نود من خلال هذا الركن ''تصحيح مفاهيم'' تنوير النّاس
وإزالة ما التُبِس عليهم من أحكام شريعة الله عزّ وجلّ.
يقول الفقهاء في شرح هذا الحديث إنّه يجب على مَن حضر
الجمعة أن يَنْصِت للإمام وهو يخطب،
ولا يجوز له الكلام مع غيره، حتّى لو كان الكلام لإسكاته،
ومَن فعل فقد لَغَا، ومَن لَغَا فَلاَ جُمُعَةَ له.
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
''إذا قُلْتَ لصاحبك والإمام يخْطُب يوم الجمعة
أنْصِتْ فَقَد لَغَوْتَ'' رواه البخاري ومسلم.
ويشمل المنع ـ كذلك ـ الإجابة عن سؤال شرعي،
فضلاً عن غيره ممّا يتعلّق بأمور الدنيا.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
جلس النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على المنبر وخطب النّاس
وتلا آية وإلى جنبي أُبَيّ بن كعب فقلتُ له:
يا أُبَيّ مَتَى أنزلت هذه الآية؟
فأبَى أن يكلّمني،
ثمّ سألتُه فأبَى أن يكلّمني
حتّى نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
فقال لي أبَيٌّ: مالك من جمعتك إلاّ ما لغوت،
فلمّا انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جئته فأخبرته
فقال: ''صدق أُبَيّ، إذا سمعت إمامك يتكلّم فأنصت حتّى يفرغ''
رواه أحمد وابن ماجه.
وهذا يدل على وجوب الإنصات
وتحريم الكلام والإمام يخطب يوم الجمعة.
قال ابن عبد البر المالكي في ''الاستذكار'' ج5 ص43:
''لا خلاف بين فقهاء الأمصار في وجوب الإنصات
للخطبة على مَن سمعها''.
فلا تُكَلِّم أحدًا والإمام يخطب،
لا بسلام ولا بِرَدِّ سلام
ولا بتشميت عاطس ولا غير ذلك.
وقد نرى أينما وجد الجهل عمت المخالفات
فقد رأينا من يقوم بالرد على التليفون داخل المسجد
والإمام يخطب ولا من مُنكر .. ولا حول ولا قوة إلا بالله
وعلى كل حال فإن أسلوب الخطيب له دور كبير
في جلب الناس وشد انتباههم وطرد الملل منهم
هذا شيء لابد منه .
8. الحذر من تخطي الرقاب وإيذاء المصلين:
فقد قال النبي لرجل تخطى رقاب الناس
يوم الجمعة وهو يخطب:
{ اجلس فقدآذيت وآنيت }
وهذا لا يفعله غالباً إلا المتأخرون.
لا يجوز للداخل إلى المسجد أن يتخطَّى الرقاب،
ويُفرِّق بين الجالسين، أو يقيم أحداً من مكانه؛ ليجلس هو،
ولكن له –إن لم يجد مكاناً- أن يقول: افسحوا،
ففي " صحيح مسلم" أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال
لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم يخالف إلى مقعده،
فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا).
وفي صحيح البخاري أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال
لا يغتسل رجل يوم الجمعة،ويتطهر ما استطاع من طهر،
ويدهن من دهنه،أو يمس من طيب بيته،ثم يخرج؛
لا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت
إذا تكلم الإمام؛ إلا غفر الله ما بينه وبين ا لجمعة الأخرى).
وعن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قالا:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(من اغتسل يوم الجمعة، ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب
إن كان عنده، ثم أتى الجمعة، فلم يتخطَّ أعناق الناس،
ثم صلى ما كتب الله له، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ
من صلاته؛ كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها)
رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني،
انظر صحيح أبي داود رقم (331).
وعندما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يتخطى رقاب
الناس يوم الجمعة وهو يخطب قال له -صلى الله عليه وسلم-:
(اجلس فقد آذيت)
رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم (989).
والحاصل أن على الراغب في الصلاة في الصفوف الأولى أن
يبكر بالحضور إلى المسجد، حتى يتمكن من الجلوس فيها،
ولا يأتي متأخراً ويتخطى رقاب الجالسين، فيسبب لهم الأذية،
ويوقع نفسه في هذه المعصية، فإذا كان حريصاً على الصفوف
الأولى بكَّرَ بالحضور، وإلا جلس حيث انتهى به المجلس.
وقد تكون غاية هؤلاء الذين يتخطون الرقاب الوصول إلى أما كن
خاصة في المسجد، يلازمون الصلاة فيها؛ كالصف الأول،
أو خلف الإمام، أو قرب المنبر،
ولا يلذ لهم التعبد أو الإقامة إلا بها،
وإذا أبصر من سبقه إليها، فربما اضطره إلى التنحي له عنها؛
لأنها محتكرة، أو يذهب عنها مغضباً، وهو يحوقل ويسترجع.
قال الشيخ القاسمي: (ولا يخفى أن محبة مكان من المسجد على
حدة ناشئ من الجهل، أو الرياء والسمعة،
وأن يقال: إنه لا يصلي إلا في المكان الفلاني،
أو إنه من أهل الصف الأول،
مما يحبط العمل ملاحظته ومحبته، فنعوذ بالله)
فعلى المسلم أن يحرص على أن يتزود من فعل الخير،
ولا يكون حضوره إلى المسجد إلا لاكتساب الحسنات،
والتعرض لنفحات الرحمن،
لا يأتي فيكسب السيئات بسبب أفعاله
من تخطيه رقاب الآخرين، وإيذاء المصلين، والتشويش عليهم.
9- التنفل يوم الجمعة
الصلاة قبل الجمعة
إذا أنعم الله تعالى على المسلم بالتبكير إلى المسجد يوم الجمعة
فعليه أولاً صلاة ركعتين تحية للمسجد، وإذا أنسَ من نفسه البكور
ومزيد الإقبال على التنفل فليصل ما يقدر عليه فإن ذلك فيه زيادةٌ
له في الأجر، فقد كان هذا من فعل السلف أنهم كانوا يصلون حتى
يصعد الإمام المنبر، وقد استنوا في ذلك بلا ريب بهدي الصحابة
رضوان الله تعالى عليهم [ الذين إذا أتوا المسجد يوم الجمعة
يصلون من حيث يدخلون ما تيسر، فمنهم من يصلي عشر ركعات
ومنهم من يصلي اثنتي عشرة ركعة ومنهم من يصلي ثماني
ركعات ومنهم من يصلي أقل من ذلك،
ولهذا.. كان جماهير الأئمة متفقين أنه ليس قبل الجمعة سنةٌ
مؤقتةٌ بوقتٍ مقدرةٌ بعددٍ.
والصلاة قبل الجمعة حسنة وليست بسنةٍ راتبةٍ
وإن فعل أو ترك لم ينكر عليه وهذا أعدل الأقوال
وحينئذٍ يكون الترك أفضل إذا اعتقد الجهال أنها سنةٌ راتبةٌ]
فالنافلة قبل الجمعة ليست مؤكدة أو مؤقتة على اختيار شيخ الإسلام
رحمه الله تعالى ومما نَقَلَ
[أن السلف رضوان الله تعالى عليهم كانوا يصلون حسب الهمة
والنشاط،
وقد اختار بعض أصحاب الشافعي وأحمد أن يصلي المسلم ركعتين
وجعلها بعض أصحاب أبي حنيفة أربعاً،
على أنه يجب التذكر وعدم النسيان بأن سنة الجمعة القبلية
ليست راتبة ولا يجوز إنزالها منزلة الرواتب
فإنه لم يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد داوم عليها.
سؤال
هل تجوز الصلاة بين الآذان الأول و الثاني في صلاة الجمعة ؟
علما بأنه يقال لا صلاة بين الأذانين ؟
الإجابة
تجوز صلاة النوافل قبل الجمعة،
سواء كانت من ذوات الأسباب كتحية المسجد،
أو كانت من التنفل المطلق.
أما أن يصلي الشخص قبل الجمعة صلاة يعتبرها سنة قبلية
للجمعة مقيدة بها ومحددة بعدد، فلم يصح عن النبي صلى الله
عليه وسلم في ذلك شيء،
ومع ذلك فقد ذهب إلى القول به الحنفية وطائفة من أصحاب
الشافعي وأحمد مستدلين على ذلك بما في سنن ابن ماجه من
حديث ابن عباس أنه ذكر:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الجمعة أربعاً لا
يفصل في شيء منهن،
ولكن هذا حديث ضعيف جداً.
قال النووي في المجموع:
(فلا يصح الاحتجاج به، لأنه ضعيف جداً ليس بشيء). انتهى.
سؤال
ماحكم التنفل قبل صلاة الجمعة ؟
الإجابة
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالصلاة قبل
الجمعة وبيان ما في ذلك من الأجر والثواب،
كما في حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر،
ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق
بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام،
إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى"
(رواه البخاري).
وليس لهذه النافلة حد لا يُتعدى
لكنها مقيدة بأن تكون قبل صعود الإمام المنبر،
والمصلي مأمور بعد صعود الإمام المنبر بالجلوس
والإنصات للموعظة،
والله تعالى أعلم.
الصلاة بعد الجمعة
صلاة السنة بعد صلاة الجمعة تأخذ حكم الراتبة
لحرص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على فعلها،
فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما
((أن النبي صلى الله عليه وسلم:
كان يصلي بعد الجمعة ركعتين))
صحيح مسلم 882 بسندٍ صحيحٍ.
وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا صلى أحدكم الجمعة فليصلِّ بعدها أربعاً))
صحيح مسلم 407 بسندٍ صحيحٍ.
وقد جمع العلماء بين الحديثين بأن
أداء الركعتين في بيته وأداء الأربع في المسجد.
والأفضل أداء السنة بعد الجمعة مثنى مثنى إذا صلى أربعاً
مع أن صلاتها موصولة جائزة،
وعلى المسلم ألا يحرم بيته من راتبة الجمعة
وإذا صلاها في المسجد فليتحول عن مكان أداء الفريضة.