ننتظر تسجيلك هـنـا

 

{ ( إعْلَاَنَاتُ مَمْلَكَة شَهْرَزَاَدْ الْيَوْمِيَّةَ ) ~
       
       

 

   

فَعَالِيَاتْ مَمْلَكَة شَهْرَزَاَدْ


العودة   منتديات شهرزاد الادبية > المنتديات الإسلامية > الكلم الطيب (درر اسلامية)

الكلم الطيب (درر اسلامية) كل ما يكتب عن الدين الاسلامي

آخر 20 مشاركات
كلاسيكو مشتعل بين برشلونة وريال مدريد على لقب كأس الملك (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 - الوقت: 05:15 PM - التاريخ: 04-25-2025)           »          ترامب: مستعد للقاء خامنئي ونتنياهو لن يجرني الى حرب مع ايران (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 - الوقت: 05:14 PM - التاريخ: 04-25-2025)           »          وزير الخارجية السوري من نيويورك: لا خلاف مع العراق (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 - الوقت: 05:13 PM - التاريخ: 04-25-2025)           »          ترامب يؤكد: القرم ستبقى مع روسيا (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 - الوقت: 05:12 PM - التاريخ: 04-25-2025)           »          أبو عبيدة: كمائن القسام المميتة توقع قوات الاحتلال في "مقتلة محققة" (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 - الوقت: 05:10 PM - التاريخ: 04-25-2025)           »          وزير الكهرباء يجتمع مع شركة "أكوا باور" السعودية لتسريع تنفيذ محطة النجف للطاقة الشمسية (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 1 - الوقت: 05:09 PM - التاريخ: 04-25-2025)           »          82 "شهرزاد.. حيث تلتقي الأرواح على ضفاف الحرف" (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 4 - المشاهدات : 45 - الوقت: 02:40 PM - التاريخ: 04-25-2025)           »          على ضفاف الحلم (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 2 - المشاهدات : 16 - الوقت: 02:35 PM - التاريخ: 04-25-2025)           »          ابتسم فإن كل شخص تقابله يحمل أعباء كثيرة (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 9 - الوقت: 11:03 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          وقفة مع برج الحوت (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 4 - المشاهدات : 492 - الوقت: 11:01 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          تفسير حلم قرص العقرب​.. المعنى الصادم الذي لم يخطر في بالك! (الكاتـب : - مشاركات : 2 - المشاهدات : 366 - الوقت: 11:00 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          مرسيدس-بنز تؤكد العمل على نسخة أصغر من G-Class الكهربائية بالكامل (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 51 - الوقت: 10:59 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          اشيك تشكيلة فساتين خطوبة (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 45 - الوقت: 10:58 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          كب كيك بالايسكريم والجالكسي (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 116 - الوقت: 10:58 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          أهم مشاكل النوم في شهور الحمل (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 52 - الوقت: 10:58 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          ملابس أطفال رائعة (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 47 - الوقت: 10:57 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          مساجد المدينة المنورة.. شواهد لتاريخ السيرة النبوية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 145 - الوقت: 10:57 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          34 من أين أبدأ...؟ (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 194 - الوقت: 10:56 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          توقير النبي صلى الله عليه وسلم (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 14 - الوقت: 10:56 AM - التاريخ: 04-25-2025)           »          صباح الخير شهرزاد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 89 - المشاهدات : 27818 - الوقت: 05:46 AM - التاريخ: 04-25-2025)


المجاهرة بالمعاصي

كل ما يكتب عن الدين الاسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
#1  
قديم 02-01-2021
ابراهيم دياب غير متواجد حالياً
اوسمتي
سنابل وسام التواجد المميز 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 367
 تاريخ التسجيل : May 2020
 فترة الأقامة : 1790 يوم
 أخر زيارة : 02-13-2025 (12:10 PM)
 المشاركات : 48,210 [ + ]
 التقييم : 46000
 معدل التقييم : ابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond reputeابراهيم دياب has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]

اوسمتي

افتراضي المجاهرة بالمعاصي




المجاهرة بالمعاصي المجاهرة بالمعاصي

مِنْ تَوْفِيقِ اللَّـهِ -تَعَالَى- لِلْعَبْدِ أَنْ يَفْتَحَ لَهُ أَبْوَابَ الْخَيْرِ، وَيُيَسِّرَ لَهُ طُرُقَ الْبِرِّ، وَيُبَارِكَ لَهُ فِي عُمُرِهِ فَتَجِدَهُ قَدِ اسْتَوْعَبَهُ بِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ... وَمِنْ خِذْلَانِ اللَّـهِ -تَعَالَى- لِلْعَبْدِ أَنْ يُسَلِّطَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَجِدُ بَابًا مِنَ الْإِثْمِ إِلَّا وَلَجَهُ، وَلَا طَرِيقًا لِلشَّرِّ إِلَّا سَلَكَهُ، يُمْضِي عُمُرَهُ وَهُوَ يَلْهَثُ وَرَاءَ مُتَعِ الدُّنْيَا يَطْلُبُ السَّعَادَةَ فِي غَيْرِ مَظَانِّهَا، وَيَسْلُكُ طَرِيقًا لَيْسَ طَرِيقَهَا.
وَفِي زَمَنِنَا هَذَا ابْتُلِيَ النَّاسُ بِوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ المُتَنَوِّعَةِ، فَإِمَّا كَانَتْ خَيْرًا لِمُسْتَخْدِمِهَا، وَإِمَّا عَادَتْ عَلَيْهِ بِالشَّرِّ وَالْخُسْرَانِ؛ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْتَخْدِمُهَا فِيمَا يَنْفَعُهُ؛ فَيَصِلُ بِهَا رَحِمًا، وَيُعَلِّمُ جَاهِلًا، وَيَنْشُرُ مَعْرُوفًا، وَيُنْكِرُ مُنْكَرًا، وَيَدْعُو إِلَى سُنَّةٍ مَهْجُورَةٍ، وَيُشِيعُ فَائِدَةً مَجْهُولَةً، فَرَسَائِلُهُ وَتَغْرِيدَاتُهُ لَا تَخْلُو مِنْ فَائِدَةٍ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْتَعْمِلُهَا فِيمَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ، فَيُرَوِّجُ إِشَاعَةً، أَوْ يُشِيعُ فَاحِشَةً، أَوْ يَدْعُو إِلَى مُنْكَرٍ، أَوْ يَرْمِي بَرِيئًا بِمَا يَشِينُهُ، أَوْ يَنْتَهِكُ خُصُوصِيَّتَهُ، فَيُصَوِّرُ مَا يَعِيبُهُ، فَصَارَ كَالرَّاصِدِ عَلَى عَوْرَاتِ النَّاسِ بِلَا فَائِدَةٍ سِوَى التَّفَكُّهِ وَالضَّحِكِ، وَمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِ النَّاسِ تَتَبَّعَ اللهُ -تَعَالَى- عَوْرَتَهُ فَفَضَحَهُ فِي بَيْتِهِ.
وَمِنْ أَعْظَمِ الْآثَامِ الَّتِي تُجْتَرَحُ هَذِهِ الْأَيَّامَ مِنْ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ: المُجَاهَرَةُ بِالذُّنُوبِ، وَإِشَاعَةُ الْفَوَاحِشِ؛ فَالمُجَاهِرُونَ يَتَخَفَّوْنَ بِأَسْمَاءٍ مُسْتَعَارَةٍ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ إِنِ اسْتَخْفَوْا عَنِ النَّاسِ يَسْتَخْفُونَ عَنِ اللَّـهِ -تَعَالَى- وَعَنْ مَلَائِكَتِهِ الْكِرَامِ الرَّاصِدِينَ لِأَقْوَالِهمْ وَأَفْعَالِهمْ {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ القَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: 108].
وَالمُجَاهَرَةُ بِالَإِثْمِ أَشْنَعُ مِنْ فِعْلِهِ، بَلْ لَوْ جَاهَرَ بِذَنْبٍ ادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَهُ وَهُوَ لَمْ يَفْعَلْهُ لَكَانَ حَرِيًّا أَنْ تَكُونَ مُجَاهَرَتُهُ تِلْكَ أَعْظَمَ مِنْ مُجَرَّدِ ارْتِكَابِ الذَّنْبِ لَوِ ارْتَكَبَهُ؛ لِأَنَّهُ كَذَبَ، وَالْكَذِبُ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَكَذِبُهُ كَانَ فِي شَيْءٍ قَبِيحٍ؛ وَلِأَنَّ المَعْنَى مِنْ مَنْعِ المُجَاهَرَةِ بِالذَّنْبِ عَدَمُ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ، وَالْكَاذِبُ المُجَاهِرُ قَدِ اسْتَخَفَّ بِالذَّنْبِ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ؛ وَلِمَا فِي مُجَاهَرَتِهِ بِالذَّنْبِ -وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ- مِنْ تَجْرِيءٍ لِلنَّاسِ عَلَى فِعْلِ الذَّنْبِ، وَدَعْوَتِهِمْ إِلَيْهِ، وَتَكْثِيرِ سَوَادِ أَصْحَابِ المَعَاصِي، وَتَقْوِيَةِ أَهْلِ المُنْكَرَاتِ.
وَقَدْ رَوَى أَبَو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّـهِ عَنْهُ" (مُتَّفَقُ عَلَيْهِ).
وَرَفْعُ الْعَافِيَةِ عَنْ أَهْلِ المُجَاهَرَةِ يَشْمَلُ رَفْعَهَا فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، فَحَرِيٌّ بِمَنْ جَاهَرَ بِالمُنْكَرِ، وَدَعَا إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي مَأْمَنٍ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ شَخْصُهُ بِسَبَبِ اسْتِتَارِهِ بِاسْمٍ مُسْتَعَارٍ حَرِيٌّ أَنْ يُفْضَحَ فِي الدُّنْيَا، بِأَنْ يُخْطِئَ خَطَئًا يَدُلُّ عَلَى شَخْصِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي، فَيَعْرِفُهُ النَّاسُ وَهُو لَا يُرِيدُهُمْ أَنْ يَعْرِفُوهُ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ كَثِيرًا لِأُنَاسٍ تَمَنَّوْا أَنَّهُمْ مَاتُوا وَلَمْ يُفْضَحُوا، نَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- السّتْرَ وَالْعَافِيَةَ. أَوْ يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ بَعْضُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي إِثْمِهِ حَتَّى يَخْتَرِقُوا حِسَابَهُ، وَيُظْهِرُوا لِلنَّاسِ خِزْيَهُ.
وَمِنْ رَفْعِ الْعَافِيَةِ عَنِ المُجَاهِرِ فِي الدُّنْيَا: أَنْ يُسْلَبَ قَلْبُهُ الْعَافِيَةَ فَيَنْسَلِخَ مِنْهُ اسْتِقْبَاحُ المَعَاصِي، فَتَصِيرَ لَهُ عَادَةً، فَيَنْحَطَّ فِي المُجَاهَرَةِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ دَرْكًا لَا يَسْتَقْبِحُ فِيهِ مِنْ نَفْسِهِ رُؤْيَةَ النَّاسِ لَهُ وَهُوَ فِي فُحْشِهِ، وَلَا يَأْبَهُ بِكَلَامِهِمْ فِيهِ، وَهَذَا الدَّركُ عِنْدَ أَرْبَابِ الْفُسُوقِ هُوَ غَايَةُ التَّفَكُّهِ، وَتَمَامُ اللَّذَّةِ، حَتَّى يَفْتَخِرَ أَحَدُهُمْ بِالمَعْصِيَةِ، وَيُحَدِّثَ بِهَا مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَمِلَهَا، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَنشَرْتُ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَا صَاحِبُ الْحِسَابِ الْفُلَانِيِّ، وَالمَوْقِعِ الْفُلَانِيِّ، يُخْبِرُ النَّاسَ بِمُوبِقَاتِهِ. وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ النَّاسِ لَا يُعَافَوْنَ، وَتُسَدُّ عَلَيْهِمْ طَرِيقُ التَّوْبَةِ، وَتُغْلَقُ عَنْهُمْ أَبْوَابُهَا فِي الْغَالِبِ.
وَمِنْ رَفْعِ الْعَافِيَةِ عَنِ المُجَاهِرِ فِي الْآخِرَةِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إِنَّ اللهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ..." (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
وَالمُجَاهِرُ يَفُوتُهُ هَذَا السِّتْرُ وَالْعَفْوُ فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّـهِ -تَعَالَى- فِي الدُّنْيَا، وَفَضَحَ نَفْسَهُ، وَجَاهَرَ بِإِثْمِهِ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: «سِتْرُ اللَّـهِ مُسْتَلْزِمٌ لِسِتْرِ المُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ؛ فَمَنْ قَصَدَ إِظْهَارَ المَعْصِيَةِ وَالمُجَاهَرَةَ بِهَا أَغْضَبَ رَبَّهُ فَلَمْ يَسْتُرْهُ، وَمَنْ قَصَدَ التَّسَتُّرَ بِهَا حَيَاءً مِنْ رَبِّهِ وَمِنَ النَّاسِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِسَتْرِهِ إِيَّاهُ».
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: «المُسْتَخْفِي بِمَا يَرْتَكِبُهُ أَقَلُّ إِثْمًا مِنَ المُجَاهِرِ المُسْتَعْلِنِ، وَالْكَاتِمُ لَهُ أَقَلُّ إِثْمًا مِنَ المُخْبِرِ المُحَدِّثِ لِلنَّاسِ بِهِ؛ فَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ عَافِيَةِ اللَّـهِ -تَعَالَى- وَعَفْوِهِ».
هَذَا؛ وَوَسَائِلُ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَسِيلَةٌ لِإِشَاعَةِ الْفَوَاحِشِ، وَنَقْلِهَا بَيْنَ النَّاسِ، فَيُصَوِّرُ الصُّورَةَ أَوِ المَقْطَعَ فَيُرْسِلُهُ إِلَى غَيْرِهِ فَلَا يَلْبَثُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى مَلَايِينِ النَّاسِ، وَمُرْسِلُهُ لَا يُدْرِكُ حَجْمَ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَجْهَلُ كمِّيَّةَ الْآثَامِ الَّتِي يَكْتَسِبُهَا بِهَذِهِ الْفِعْلَةِ الشَّنِيعَةِ. وَفِي إِشَاعَةِ الْفَوَاحِشِ فِي النَّاسِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة} [النور: 19].
هَذَا الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ إِذَا أَحَبُّوا إِشَاعَةَ الْفَاحِشَةَ وَإِذَاعَتَهَا فِي النَّاسِ، فَكَيْفَ إِذَا تَوَلَّوْا هُمْ إِشَاعَتَهَا وَإِذَاعَتَهَا؟!
يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: «فَإِنَّ اللهَ قَدْ تَوَعَّدَ بِالْعَذَابِ عَلَى مُجَرَّدِ مَحَبَّةِ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهَذِهِ المَحَبَّةُ قَدْ لَا يَقْتَرِنُ بِهَا قَوْلٌ وَلَا فِعْلٌ؛ فَكَيْفَ إذَا اقْتَرَنَ بِهَا قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ؟ بَلْ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُبْغِضَ مَا أَبْغَضَهُ اللهُ مِنْ فِعْلِ الْفَاحِشَةِ وَالْقَذْفِ بِهَا وَإِشَاعَتِهَا فِي الَّذِينَ آمَنُوا، وَمَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ حُشِرَ مَعَهُمْ كَمَا حُشِرَتْ امْرَأَةُ لُوطٍ مَعَهُمْ وَلَمْ تَكُنْ تَعْمَلُ فَاحِشَةَ اللِّوَاطِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ مِنَ المَرْأَةِ، لَكِنَّهَا لمَّا رَضِيَتْ فِعْلَهُمْ عَمَّهَا الْعَذَابُ مَعَهُمْ» اهـ.
إِنَّ عِظَمَ الْبَلَاءِ مِنَ اللَّـهِ -تَعَالَى- لَا بُدَّ أَنْ يُقَابِلَهُ الْإِنْسَانُ بِقَدْرٍ عَظِيمٍ مِنَ الصَّبْرِ وَالمُجَاهَدَةِ، وَلمَّا سَهُلَ فِي هَذَا الزَّمَنِ وُصُولُ الْفَوَاحِشِ إِلَى أَجْهِزَةِ النَّاسِ فِي بُيُوتِهِمْ وَمَكَاتِبِهِمْ بَلْ وَجُيُوبِهِمْ، وَيَبْتَلِيهِمْ بَعْضُ أَقْرَانِهِمْ بِإِرْسَالِهَا إِلَيْهِمْ، سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ فِي صُورَةٍ أَوْ فِيلْمٍ أَوْ كَلَامٍ مَقْرُوءٍ أَوْ مَسْمُوعٍ؛ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، وَالِاحْتِسَابِ عَلَى الْغَيْرِ فِي ذَلِكَ؛ لِئَلَّا تَلِينَ النَّفْسُ مَعَ كَثْرَةِ مَا يَرِدُ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ.
وَمُجَاهَدَةُ النَّفْسِ تَكُونُ بِرَفْضِ كُلِّ شَيْءٍ مُحَرَّمٍ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَيَهْجُرُ شَبَكَاتِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ، وَيُلْغِي حِسَابَاتِهِ فِيهَا؛ فَإِنَّ السَّلَامَة تَقْتَضِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا الِاحْتِسَابُ عَلَى الْغَيْرِ: فَبِالْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ يُرْسِلُونَ لَهُ تِلْكَ المَوَادَّ المُحَرَّمَةَ، وَمُنَاصَحَتِهِمْ، وَزَجْرِهِمْ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ مَعَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا حَظَرَ حِسَابَاتِهِمْ؛ لِيَتَّقِيَ شَرَّهُمْ، وَيُجَانِبَ إِثْمَهُمْ، وَيُثْبِتَ إِنْكَارَهُ عَلَيْهِمْ.
وَعَلَى مَنْ هُمْ شُرَكَاءُ فِي مَجْمُوعَةٍ مِنْ مَجْمُوعَاتِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ أَنْ يَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَيَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَيَتَنَاهَوْا عَنِ الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ؛ فَإِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ عَمَّا يَصِلُ إِلَيْهِمْ وَمَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 10 - 12].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّـهِ -تَعَالَى- لِبَثِّ الْخَيْرِ، وَنُصْحِ النَّاسِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَالتَّوَاصُلِ مَعَ الْقَرَابَةِ وَالْجِيرَانِ وَالمُتَحَابِّينَ فِي اللَّـهِ -تَعَالَى-. وَهِيَ وَسِيلَةٌ لِتَوَاصُلِ النَّاسِ مَعَ الْعُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ وَطُلَّابِ الْعِلْمِ لِاسْتِفْتَائِهِمْ وَاسْتِشَارَتِهِمْ، وَفِيهَا مِنَ المَنَافِعِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّ إِسَاءَةَ اسْتِخْدَامِهَا تَعُودُ بِالدَّمَارِ عَلَى الْإِنْسَانِ. وَضَحَايَا ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ هُمْ أَبْنَاءُ المُسْلِمِينَ وَبَنَاتُهُمْ؛ لِسُهُولَةِ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ اصْطِيَادُهُمْ؛ وَلِذَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ تَعَاهُدُ أَبْنَائِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ بِالنَّصِيحَةِ وَالْبَيَانِ، وَتَقْوِيَةِ الْإِيمَانِ فِي نُفُوسِهِمْ، وَزَرْعِ مُرَاقَبَةِ اللَّـهِ -تَعَالَى- فِي قُلُوبِهِمْ، وَتَحْذِيرِهِمْ مِنَ الْفَسَادِ وَالمُفْسِدِينَ، وَمِنَ التَّهَاوُنِ بِالمُحَرَّمَاتِ؛ فَإِنَّ مُرَاقَبَتَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ أَنْجَعُ مِنْ مُرَاقَبَةِ وَالِدِيهِمْ لَهُمْ، وَأَعْظَمُ أَثَرًا عَلَيْهِمْ..
بَلْ إِنَّ مُرَاقَبَةَ وَالِدِيهِمْ لَهُمْ شِبْهُ مُسْتَحِيلَةٍ مَعَ مَا تُحْدِثُهُ فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الْجَفْوَةِ عَنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ؛ لِعَدَمِ ثِقَتِهِمْ فِيهِمْ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُرَبِّينَ إِلَّا المُكَاشَفَةُ وَالصَّرَاحَةُ مَعَ مَنْ يُرَبُّونَ؛ فَإِنَّ سَيْلَ الْإِثْمِ عَظِيمٌ مُتَلَاطِمٌ لَا يَكَادُ يَتْرُكُ مُجْتَمَعًا إِلَّا اجْتَاحَهُ، وَالْحِفْظُ مِنَ اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَاللهُ حَفِيظٌ عَلِيمٌ.
وَمَنِ ابْتُلِيَ بِمُحَرَّمَاتِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِ نَفْسِهِ مِنْهَا فَلْيُقْصِرْ إِثْمَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُصَدِّرْه لِغَيْرِهِ، وَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّـهِ -تَعَالَى- حِينَ سَتَرَ عَنِ النَّاسِ ذَنْبَهُ، وَلَمْ يُظْهِرْ عَيْبَهُ، وَلْيُكْثِرْ مِنْ مُكَفِّرَاتِ الذُّنُوبِ مِنْ صَدَقَةٍ وَصَلَاةٍ وَاسْتِغْفَارٍ وَغَيْرِهَا، مَعَ الْإِلْحَاحِ عَلَى اللَّـهِ -تَعَالَى- بِالدُّعَاءِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ؛ فَإِنَّهُ إِنْ صَدَقَ مَعَ اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَجَاهَدَ نَفْسَهُ رَزَقَهُ اللهُ -تَعَالَى- تَوْبَةً نَصُوحًا مِنْهَا، وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا؛ فَمَنْ أَلَمَّ، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّـهِ وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّـهِ" (رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ).
المجاهرة بالمعاصي المجاهرة بالمعاصي


الموضوع الأصلي: المجاهرة بالمعاصي || الكاتب: ابراهيم دياب || المصدر: مملكة السلطانة شهرزاد

كلمات البحث

خواطر ، اشعار ، ادب ، تصميمات ، مقالات





hgl[hivm fhgluhwd




 توقيع : ابراهيم دياب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 02-01-2021   #2
مشرف قسم السيارات


ملك الغرام متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 156
 تاريخ التسجيل :  Mar 2019
 العمر : 40
 أخر زيارة : منذ 21 ساعات (07:32 PM)
 المشاركات : 4,404 [ + ]
 التقييم :  13515
 الدولهـ
Kuwait
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



لا عدمنا التميز و روعة الطرح
دمت لنا ودام تالقك الدائم
آرق التحايا


 
 توقيع : ملك الغرام

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-02-2021   #3


ابراهيم دياب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 367
 تاريخ التسجيل :  May 2020
 أخر زيارة : 02-13-2025 (12:10 PM)
 المشاركات : 48,210 [ + ]
 التقييم :  46000
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



ملك الغرام
شكر ا جزيلا للمرورالرائع
ننتظر تشريفكم دائما الرائع
تحيتي وتقديري لك
وددي قبل ردي



 
 توقيع : ابراهيم دياب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share




Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
This Forum used Arshfny Mod by islam servant