الحرص منه المحمود ومنه المذموم
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة
أن الله يسأل ملائكته عن عباده
وهو بهم أعلم فيقول: ما يقول عبادي؟
قالوا: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك.
قال فيقول: هل رأوني؟
قال فيقولون: لا والله ما رأوك.
قال فيقول: وكيف لو رأوني؟
قال يقولون:
لو رأوك كانوا أشد لك عبادة
وأشد لك تمجيداً وتحميداً
وأكثر لك تسبيحاً.
قال يقول: فما يسألوني؟
قال: يسألونك الجنة.
قال يقول: وهل رأوها؟
قال يقولون: لا والله يا رب ما رأوها.
قال يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟
قال يقولون لو أنهم رأوها
كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا
وأعظم فيها رغبة..
وهذا هو الشاهد
فذكر الله حرصهم في معرض المدح.
ولعل من المفاهيم الخاطئة عد الحرص
على أمور الدعوة محمودا بإطلاق
والحق أن الحرص حتى على أمر الدين نوعان
حرصٌ إيجابي وحرصٌ سلبي
فالحرص إذا كان هو الدأب
على اتخاذ الوسائل اللازمة لتحقيق هداية الناس
ومقاصد الشرع فهو حرصٌ إيجابي، يفرح ويحزن.
وينبغي أن يتحرك في نفس المؤمن
ضمن الأطر الشرعية والعقلية والبشرية
أما إذا كان الحرص يؤثر سلباً على النفس
وربما أحبط فذلك حرص سلبي
لأنه تعدى ما يجب من بذل الأسباب والجد والاجتهاد
إلى تعلق النفس بحصول النتائج
وهذا ليس إلينا
ولذلك يقول الله _جل وعلا_:
"وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ"
"إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ
وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ" [النحل:37]
"فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ" [فاطر: من الآية: 8]